حكمة اليوم

قرأنا لك

الخطوات الثمانية لتصميم برامج تدريبية فعالة - عبد الرحمن محمد المحمدي... المزيد

قائمة المراسلة
الاسم
البريد
الجوال

مشاهدة : 3148

إدارة السلوك الإنساني فـي المنـظـمـات

عظيمة هي الإدارة.. وأعظم ما فيها إدارة السلوك الإنساني، وعلى قدر عظمة هذا الجانب تكمن وتبرز صعوبته، وأصعب منه إدارة الإنسان نفسه لذاته، والذي يترتب عليه حسن إدارته لغيره وتوجيه من حوله..

فإنه إذا ما فهم الإنسان ذاته، واستطاع أن يحسن إدارة هذا الذات، وأن يتحكَّم في عاداته وأهوائه، ليوجِّهها نحو الخير وما ينفعه.. فإنه حينئذ يكون قد حقق أهم انتصار.. إنه الانتصار الداخلي على النفس، والذي سمَّاه الرسول صلى الله عليه وسلم (الجهاد الأكبر)!

وإذا ما حقق الإنسان الانتصار على نفسه واستطاع أن يتحكم في تصرفاته وأفعاله، وأن يوجه إرادته كما يشاء.. بات جديرًا بأن يحقق الانتصار الخارجي، والذي يظهر أثره في إقامة علاقات متعددة مع كل من يحيط به، تكون أكثر نفعًا وفائدة ونجاحًا..

وإذا ما تحقق ذلك؛ تجد ذلك الإنسان (المدير) قد هيأ لنفسه ومن يعيش حوله حياة يكسوها التناغم والانسجام، ويلفها الود والاحترام، ويحيطها الحب والتقدير، ويكللها النجاح والتميز والريادة.. وهو ما قصده المؤلف من كتابه (إدارة السلوك الإنساني في المنظمات) في طبعته السادسة (1428هـ - 2007م).

ولعل من أفضل ما يميز هذا الكتاب أنه جاء كمحاولة للمساهمة في تأصيل حقلٍ للدراسة في العلوم السلوكية من منطلق إسلامي، ومن خلال الاهتداء بأعظم مثالٍ وأفضل أسوة، استطاع أن يُحدث تغييرًا ويترك أثرًا واضحًا في إدارة السلوك الإنساني، وهو خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم.

 

مقدمة الطبعة السادسة 2007

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعاملين, محمد بن عبد الله، النبي الأمي الأمين، الذي أُرسل خير معلِّم, ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، بإذن الله العزيز الحميد.

فكانت مهمته ورسالته هي أعظم مثال وأسوة لما يمكن أن يحدث في إدارة السلوك الإنساني، وتحويله وتغييره نحو الأفضل.

فإن كان هناك شيء صعب في الإدارة, فليس أصعب من إدارة السلوك الإنساني, وأصعب ما فيه إدارة الإنسان لذاته، ومن ثم إدارته لغيره.

فإن فَهِم الإنسان كيف يدير ذاته، ويتحكم في عاداته، ويحكم إرادته لتُوجِّه عاداته نحو ما ينفعه, فإنه حينئذ يكون قد حقق أهم انتصار, وهو الانتصار الداخلي على نفسه؛ وبذلك يكون جديرًا على تحقيق الانتصار الخارجي في تحقيق علاقات أكثر نفعًا وفائدة، ونجاحًا مع كل من يحيط به؛ ليحيا حياة طيبة يلفها النجاح والفلاح في كل جوانبها.

وبالرغم من أن دراسة السلوك الإنساني هي من أهم الأولويات لتحقيق نجاح الفرد والمنظمة والمجتمعات عمومًا, فإن الاهتمام به على المستوى الإنساني العام في الحياة العلمية والأكاديمية لم يبدأ إلا في وقت متأخر في حياة البشرية وكفاحها.

فإن أول ما شغل الإنسان في سيره نحو العلم والدراسة هو الاتجاه نحو فَهْم ما يحيط به، من أفلاك وكواكب وبحار ومحيطات وأرض وسماء ونجوم, ولم يتجه إلى دراسة نفسه إلا منذ وقت قريب، ربما يكون في نهاية النضج العلمي والحضاري للبشرية.

حيث بدأ الإنسان يسعى نحو فهم ذاته وتفسير كنه السلوك الذي يسلكه؛ لعله إن فَهِم نفسه ومحددات سلوكه يمكنه التنبؤ بهذا السلوك، ومن ثم التحكم فيه, وتوجيهه والسيطرة عليه، باعتباره ظاهرة كغيره من الظواهر.

لكن هل تعتقد أن يتم هذا بسلاسة ويُسر, كما يحدث في العلوم الطبيعية؟

لا شك أن هذا الأمر يعتبر مسار جدل كبير، ولكن ما يمكن قوله: هو أن الاتجاه نحو دراسة السلوك الإنساني بشكل علمي تسير بشكل حثيث، وما يتم التوصل إليه من نظريات وأدوات تتراكم يومًا بعد يوم لتمثل رصيدًا مساعدًا لتحقيق مزيدًا من الفَهم لهذا السلوك.

وإن كان الأمر المؤكد، والذي نزداد فيه يقينًا يومًا بعد يوم، هو أنه كلما ازددنا معرفة بالإنسان وعلومه توصلنا إلى حقيقة مؤكدة، وهى: "أن ما نجهله أكثر مما نعلمه"، وذلك على حد قول أليكسيس كاريل، صاحب كتاب "الإنسان ذلك المجهول".

ولعل أحد أهم الأسباب التي تُؤخِّر الفهم المتكامل للظاهرة الإنسانية، هي أن الظاهرة والذي يقوم بدراستها هو شيءٌ واحد، عكس ما يحدث في العلوم الطبيعية الأخرى؛ فالذي يدرس الفلك - كالمعادن مثلاً كظاهرة - هو شيءٌ مختلفٌ يسمى: "الإنسان"، بينما من يقوم بدراسة الإنسان هو الإنسان نفسه!!

وهذا هو مسار العجب والصعوبة؛ لأنه قد انتفى أمران مهمان، وهما: الحيادية في الدراسة وعدم التحيز, وكذلك الفَهم الكامل للظاهرة وأبعادها, ولا يتحقق ذلك إلا لمن خلق هذا الشيء؛ لأنه يكون أدرى به.

ولذلك لو أن علوم النفس والسلوك اتجهت اتجاهًا إيجابيًا آخر في الدراسة، تجمع بين ما توصَّلت إليه من أدوات ونظريات, ويستفيد ممن خلق الإنسان نفسه, وما ذكره عنه, فسوف تختصر الطريق بشكل كبير للوصول إلى حقائق عظيمة ومذهلة في هذا الصدد.

ولعلى أذكر هنا قول الله تعالى: }وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {(ق: 16) وقوله تعالى: } أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{  (الملك: 14)، وقوله تعالى: }وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{  (البقرة: 220).. إلى غير ذلك من الآيات العظيمة التي تتناول النفس البشرية وما يحيط بها بشكل مباشر أو غير مباشر.

وبالرغم من هذه الحقائق إلا أننا ما زلنا بعيدين عن الأخذ من هذا المنبع الفذ. رغم أنة ليس فقط مجرد أساس نظري عظيم ومتكامل, وإنما يقوم على واقع تجريبي ملموس لإدارة السلوك البشري وتحويله تفسيره والتحكم فيه وتوجيهه إلى الانتقال من وضع كان غاية في الجهل والجاهلية والضلال, إلى وضع سار فيه المسلم مرشدًا و معلمًا وموجهًا ليس فقط لنفسه وإنما على مستوى البشرية يقودها نحو الحق والعدل والهداية والنور والصلاح والإصلاح.

وبالرغم من غزارة المادة المتعلقة بدراسة النفس والسلوك في التراث الإسلامي وبدرجة كبيرة إلا أن أخذ المتأخرين من المسلمين المهتمين بهذا المجال منها لا يزال ضعيفًا أو هو في منتهى الضعف إن لم يكن معدومًا.

وإنني أعترف أنني من هؤلاء المقصرين رغم أن لي محاولة متواضعة عن دراسة منهجية التغيير التنظيمي في الإسلام في بحث الدكتوراه الذي قدمته عام1989م ونشرت بعد ذلك في كتاب (هو: إستراتيجية التغيير التنظيمي: مدخل إسلامي مقارن (القاهرة: دار النشر للجامعات، 2000م).

وعلى كل حال فإن كل ما يطمح إليه المرء من مساهمة فعالة في تأصيل حقل للدراسة في العلوم السلوكية من منطلق إسلامي لا يزال حلما يحتاج إلى كثير من الجهد, ليس الجهد الفردي المتواضع والمتناثر من هنا أو هناك, ولكن جهدًا جماعيًا منظمًا تتضافر فيه جهود كافة المتخصصين المختلفين من أصحاب الرسالة.

ولعل هذا يعتبر دعوة  في هذا الصدد ليس فقط لبناء نظرية متكاملة في العلوم السلوكية، وإنما أيضًا ويشكل أهم في كافة مجالات الإدارة.

والله أسأل سبحانه وتعالى أن يجعلني سببًا في تكوين كل هذا المشروع و المساهمة الفعالة فيه.

أما عن الطبعة التي نحن بصددها، وهي الطبعة السادسة من كتاب (حول السلوك التنظيمي)، وقد صدر هذا الكتاب بعناوين مختلفة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث كانت طبعته الأولى مع أ.د. مبروك الهواري تحت عنوان (السلوك الإنساني في المنظمات), والتي تميزت عن سائر الطبعات التي تلتها بإضافة جزء كبير من المدخل الإسلامي الذي أخذ من كتاب آخر وهو (إستراتجية التغيير التنظيمي) الذي أشرنا إليه سابقًا.

 ولكن رؤي أن يعاد النظر فيه في الطبعات التالية، فتم حذف وإضافة أجزاء، وصدرت طبعات تالية تحت مسميات مختلفة، كان منها وأشهرها: (السلوك التنظيمي).

إلا أن هذه الطبعة مختلفة عما سبق؛ حيث تم الإضافة إليها والتعديل فيها، سواء في المادة أو العرض والإخراج، ليظهر الكتاب في ثوبٍ جديد وحلة قشيبة.

هذا، وإن كان في هذا المؤلَّف إضافة أو تجويد فهو من فضل الله سبحانه وتعالى وحده, وما كان فيه من خطأ أو قصور، فإنه ناتج عن نفسي وتقصيرها، وما يعتري البشر عموما من النقص والنسيان والتعجل والقصور, راجيًا العفو من الله, ومن القراء, وأشكر كل من يتوجه إلي بنصيحة أو ملاحظة..

والله وحد أسأل أن يلقى قبول واستحسان القراء والمهتمين والمتخصصين، كما في الطبعات السابقة، وأيضًا كما في باقي كتبي.. وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، ويغفر لنا تقصيرنا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه..

أ. د. محمد المحمدي الماضي

 

 

محتويات الكتاب

تم تقسيم الكتاب إلى خمسة أجزاء؛ يحتوي كل منها على عدة فصول تصل في مجموعها إلى ثمانية عشرة فصل، وهذه الأجزاء هي الآتي:

-         الجزء الأول: أساسيات السلوك الإنساني في المنظمات، ويضم الفصول الأربعة التالية:

§        الفصل الأول: مفاهيم وتعريفات حول السلوك

§        الفصل الثاني: الدراسة العلمية للسلوك

§        الفصل الثالث: أساسيات الشخصية

§        الفصل الرابع: الشخصية والتفاعل العملي

-         الجزء الثاني: الفروق الفردية، ويضم الفصول الأربعة التالية:

§        الفصل الخامس: الإدراك والسلوك

§        الفصل السادس: التعلم والسلوك

§        الفصل السابع: الاتجاهات والسلوك الإنساني

§        الفصل الثامن: الدوافع والحاجات وعلاقتها بالسلوك الإنساني

-         الجزء الثالث: التفاعلات الجماعية للتنظيم، ويضم الفصول الثلاثة التالية:

§        الفصل التاسع: الصراع والسلوك التنظيمي

§        الفصل العاشر: الجماعات والسلوك الإنساني

§        الفصل الحادي عشر: التفاوض.

-         الجزء الرابع: ويتناول السلوك الإنساني والعمليات الإدارية، ويضم الفصول الثلاثة التالية:

§        الفصل الثاني عشر: اتخاذ القرارات الإدارية والسلوك الإنساني

§        الفصل الثالث عشر: الاتصالات والسلوك

§        الفصل الرابع عشر: الابتكار والسلوك الإنساني في المنظمات.

-         الجزء الخامس: التغيير والتطوير التنظيمي، ويضم الفصول الأربعة التالية:

§        الفصل الخامس عشر: مفهوم ونشأة التغيير التنظيمي

§        الفصل السادس عشر: مداخل التغيير التنظيمي

§        الفصل السابع عشر: نظريات وإستراتيجيات إنجاز التغيير التنظيمي

§        الفصل الثامن عشر: مقاومة التغيير

-   وفي هذا الجزء المهم والأخير يحاول المؤلف أن يضع إطارًا متكاملاً لموضوع التغيير والتطوير التنظيمي؛ ليكون مرشدًا لكل من يتصدى لأي عملية تغيير؛ فيعرف أبعاد، ومفهوم ومداخل، ونظريات، وإستراتيجيات التغيير، ومشاكل مقاومته، وكيف يمكن مواجهته..

-         المراجع.

 

 

   
أضف تعليق
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل حاصل جمع