الخطوات الثمانية لتصميم برامج تدريبية فعالة - عبد الرحمن محمد المحمدي... المزيد
لا يمكن أن يدعي أحد أنه يخطط لإدارة وقته دون أن يكون لديه من العزم ومن الحزم ما يمكنه من أن يقول للآخرين "لا "،في الوقت المناسب وفي المكان المناسب ، وبالشكل المناسب .
وهذا ما يعتبره كتاب إدارة الوقت الغربيين الآن من بين أحد أهم مبادئ إدارة الوقت التي يربو عليها أبناءهم وأنفسهم ، حتى يتعودوا على ذلك دون الشعور بأي حرج أو غضاضة سواء من جانب القائل أو المستمع..
حيث يؤدي الحرج في عدم قولها إلى تداخل في المهام ولخبطة في الخطط ،وضياع للأولويات ؛ وكأن تخطيطا لم يكن ولا جهدا قد بذل ...
وللأسف الشديد فإن ثقافتنا المحلية الخاطئة تعتبر من يقول بوضوح وصراحة "لا" قليل الأدب ،وربما يعتبره البعض قليل الذوق أو منعدم الإحساس ،وقد يصل الأمر لوصفه بالوقاحة...!
لكن ديننا السمح المنظم الواقعي العظيم يعلم أتباعه أن يقولوا " لا "
ويحتم على من يقال له ذلك أن يقبل بصدر رحب باعتبارها من أساسيات الإيمان (التي قد لا يدركها البعض) وورد على ذلك شواهد كثيرة من القرآن نفسه أو السنة المطهرة؛وقبل الاستشهاد ببعضها أود أن أشير إلى أن قول لا ليس فقط مع من يزورك بلا موعد، أو يطلب شيء ليس معك، أو معك لكن لا يمكنك الاستغناء عنه ، وإنما يكون ذلك في كل أمور حياتك، بمعنى أنك إذا انتهيت من تحديد المهام المطلوب منك انجازها، ثم رتبتها حسب أهميتها ووقت انجاز كل منها ، ومدتهه، فلن تفلح في تطبيق تلك الخطة إذا تركت نفسك تتحرك رهنا لظروف الآخرين وأولوياتهم ، فتطع كل من يريد منك شيئا حتى ولو تعارض مع أولوياتك ...!
أعرف كثيرين تأخروا في ترقياتهم ،أو انجاز ما هو مهم لحياتهم ، بسبب هذه المشكلة ؛ وهي عدم الحسم في التصدي للمقاطعات وأن يعلن دون حرج أو غضاضة "لا" وبأسلوب مهذب كأن يقول "لا يمكنني " ؛ "لا أستطيع الآن " ؛ " ممكن ولكن " " لا بدون مؤاخذة " " مشغول جدا الآن ،ممكن اليوم الفلاني؟؟ " وهكذا ...
في الحقيقة لم يجنوا في النهاية إلا ثمار الندم ، وكان أول من انتقدهم على تأخرهم هم أولئك الذين استحوا أن يقولوا لهم لا .
فمتى نقضي على ذلك الاستحياء المزيف، في أنفسنا ، ولنتعلم من توجيهات ربنا لنبينا صل الله عليه وسلم ولنا ؛ وحتى تقضي على آخر ذرة من ذرات ذلك الاستحياء المزيف إقرأ معي بتدبر وتمعن قوله تعالى:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً" الأحزاب (53)
وهذا ما ورد في التفسير الميسر:"يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تدخلوا بيوت النبي إلا بإذنه لتناول طعام غير منتظرين نضجه, ولكن إذا دعيتم فادخلوا, فإذا أكلتم فانصرفوا غير مستأنسين لحديث بينكم؛ فإن انتظاركم واستئناسكم يؤذي النبي, فيستحيي من إخراجكم من البيوت مع أن ذلك حق له, والله لا يستحيي من بيان الحق وإظهاره. ..."
وقوله أيضا :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النور (27)
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)
وأعتقد أن ذلك يكفي لنتأكد من عظمة ثقافتنا الإسلامية في بناء فعاليتنا الشخصية في ضوء علاقات اجتماعية بناءة وسوية ...
#خواطر_ المحمدي
#خاطرة_الفجر