حكمة اليوم

قرأنا لك

الخطوات الثمانية لتصميم برامج تدريبية فعالة - عبد الرحمن محمد المحمدي... المزيد

قائمة المراسلة
الاسم
البريد
الجوال

مشاهدة : 1871

الإدارة في ظلال السيرة...محاربته حتى قبل أن يولد (2)

الإدارة في ظلال السيرة
محاربته حتى قبل أن يولد
أ.د. محمد المحمدى الماضى
أستاذ إدارة الإستراتيجية بجامعة القاهرة
www.almohamady.com

------------------------------

عام الفيل واستراتيجية الضربة الاستباقية الوقائية:
في الحقيقة كان رد فعل دولة أهل الكتاب وهي الدولة البيزنظية غير متوقع، حيث انتهت إلي قرار استراتيجي بعد دراسة الأمر، وهو أن تعمل على منع حدوث مثل هذا القادم الجديد باعتباره خطرًا محدقًا وتهديدًا ماحقًا في حالة مجيئه، وذلك كما بينت ذلك النبوءات التي بشرت بقدومه ، وبخاصة بإقامة العدل ونشر السلام وتوحيد جزيرة العرب.
 فلا محالة من أن يستجيب لدعوته كل المقهورين والمظلومين في الأرض بما يحمله من عدل وخير وسلام، وهذا في حد ذاته نهاية لسلاطينهم التي بنيت على الظلم والعدوان.
لقد استقر مكرهم بأن يتخذ هرقل الروم قرارًا استراتيجيا بإرسال عامله القوي في الحبشة أبرهة الأشرم بجيش لا تقوى عليه العرب فيهدم الكعبة ويحتل مكة ليحقق بذلك ضربة استباقية وقائية لإجهاض هذا القادم الجديد قبل أن يولد، وذلك بأمرين:
الأمرالأول: تسميم المناخ والبيئة التي سوف يولد فيها بحيث لا تكون قابلة لدعوته ورافضة له ابتداءً.
الأمر الثاني: هو أن يتم احتواؤه والسيطرة عليه وقمع دعوته في المهد وبمجرد ظهوره قبل أن ينتشر ويتوسع في الأرض ويصبح أنصاره من القوة التي لا يمكن قهرهم بعدها...!
هكذا كان مكرهم وهذا هو ما أرادوه ،وهذا هو ديدن الطغاة والظالمين على مر التاريخ ابتداء من فرعون وزانتهاءً ببوش وشارون.
ففرعون نبأه المتنبؤن بأنه سوف يولد مولود تكون نهاية ملكه على يديه فقرر بضربة وقائية استباقية أن يقتل كل طفل يولد حتى يمنع قضاء الله وأمره.
 هذا ما أراده فرعون وكذلك ما أراده هرقل بعده بمنع رسالة محمد صل الله عليه وسلم. فماذا أراد الله سبحانه وتعالى؟
لاشك أن الذي لايعلمه الطغاة جميعًا وكثير من الناس أن للكون إله واحد، وأن الأمر الوحيد النافذ على جميع الخلق هو أمره، وأن كل ما يفعله هؤلاء ليس إلا من قبيل الاستدراج والإمهال ولعلهم يرجعون. لكنهم مع الوقت يصبحوا في طغيانهم يعمهون ويستعذبون اللعبة، وليس هناك من وسيلة أفضل من تجاهل لعبهم ولهوهم الذي لن ينتهي،فأصحاب الرسالات أمامهم مهام جسام تشغلهم كل الوقت، بينما هناك من أعدائهم من ليس لهم مهمة سوى الشغب والشوشرة على رسالاتهم ،وهو أمر لايمكن أن ينتهي،وانظر لقوله تعالى:" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ الأنعام (112)   وقوله ﴿ذرهم يخوضوا ويلعبوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون﴾.
لايعلم هؤلاء جميعًا أن الله إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون، وأنه القاهر فوق عباده، وهو الغالب على أمره. أكرر هذه المعاني التي من كثرة تكرارها في القرآن تبدو بديهية، ولايكاد الناس يلتفتون إليها ، بل حتى المؤمنين منهم، أكثرهم ينسونها أو يتناسونها مع كثرة الأحداث وتدافعها.
ما أجمل أن يستشعر كل قائد أن عليه أن يؤدي أقصى ما في وسعه واستطاعته،ولا يحمل هم ما ليس في وسعه ،فإن الله يحمل عنه عبء ما لم يكن في استطاعته اعداده ،طالما كان مؤمنا به ومتوكلا عليه وموقنا فيه ،فهل يتعلم القادة والمديرون كيف يحسنون صلتهم بالله ،ويتعلمون ممارسة اليقين والتوكل عليه.
لقد كان أمر الله سبحانه وتعالى واضحًا وهو جعل كل من يسير ضد إرادته في خسران وتباب وتضليل. هكذا كما نعلم جميعًا صدرت الأوامر لأم موسى بمجرد مولده أن تلقيه في اليم ، وصدرت الأوامر لليم أن يلقيه إلي ساحل قصر فرعون ذاته في تحد واضح ، ثم صدرت الأوامر إلي فرعون نفسه وزوجته أن يحتضنه ويربيه وينفق على تربيته في أفضل مكان يمكن أن يتربى فيه موسى على أرض مصر ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا  إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)﴾ سورة القصص ليصنعه الله على عينه ليحقق مراده من فرعون رغمًا عنه.
وكذلك تحرك أبرهة بجيشه وفيله العظيم لهدم الكعبة تنفيذًا لكيد ومكر الدولة الرومية، فماذا فعل الله بهم ؟
فقط علينا أن نقرأ سورة الفيل ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)﴾
انظر وتأمل معي قوله تعالى " أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيل". هكذا أحبطت أول محاولة فاجرة سافرة من دولة كبرى مستكبرة للقضاء على دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى قبل أن يولد .....
لعلنا نؤكد هنا أن واجبنا هو الإيمان المطلق بأن الله غالب على أمره، لكن أكثر الناس لا يعلمون، وأن أمره نافذ بما يستخدمه من جنده التي لا يعلمها إلا الله فيسلطها على من يشاء وقتما يشاء بالكيفية والقدر الذي يشاء، ولكل حدث وزمن جنده المناسب له.
فالطير الأبابيل جند من جنده، حجارة سجيل جند من جنده، الرعب جند من جنده، الريح جند من جنده والزلازل والصواعق والمياه والملائكة جند من جند هو المؤمنون الصادقون المجاهدون في سبيله جند من جنده يؤيدهم بما يشاء من جنده لينصرهم على عدوه وعدوهم كما وعد وأكد في كتابه ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)﴾ سورة الروم. فهم مقيدون في علمهم بظواهر الأمور وعلاجها وأبعد ما يكونون عن علم المآلات والنتائج والعواقب المبنية بشكل حتمي على المقدمات وإن طال الزمن، ولذلك ينبهنا المولى عز وجل في الآية التالية مباشرة ﴿ يعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ(7) ﴾ سورة الروم.
إذا كانت هذه هي أهم المقدمات العظيمة لمولد نبي عظيم جاء برسالة عظيمة ليعيد صياغة العالم ويعبّده لله الواحد الأحد بكل من فيه وكل ما فيه.
فإننا لابد وأن نأخذ من ذلك العبرة لفهم ما يحدث بيننا ونترقب لما يصنع لنا، فنفس منطق الظالمين الطغاة هو،هو .
ومن أراد أن يفهم ما يدار الآن وقبل الآن وما يحاك من كيد ومكر للإسلام والمسلمين،فلعل في هذه السطور درسا واضحا يؤكد على أن كل استراتيجيات الاجهاض المبكر والضربات الوقائية التي تم تصميمها وتنفيذها من أعداء المد الاسلامي ،قد أحبطها الله سبحانه وتعالى ؛سواء من خلال ما رأيناه في حدوث الثورات العربية بعدما فعلت قوى الشرق والغرب ما لم يتخيله بشر لمنع حدوث ذلك...!
سواء ما أسموه استراتيجية تجفيف المنابع ،أو ما زرعوه من حكام خونة عملاء ظلوا يترصدون لكل ما هو إسلامي بوسائل قمعية متنوعة ومتعددة،

حتى اسرائيل التي زرعوها بغير حق لاستنزاف دائم وعدو طبيعي للعالم العربي والاسلامي ،لا شك أن كل ذلك  أو ما نشاهده  الآن من محاولات مستميتة لمنع القادم الاسلامي ،كل ذلك لن يكون مصيره سوى نفس مصير من سبقوه من خيبة وفشل .
وكل ما أستطيع أن أختم به أن أؤكد بكل ثقة أن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ،وأنه حتما سيتم نصره ويخذل كل من عادى له وليا،فهو نعم المولى ونعم النصير.

وما زال للحديث بقية تابعونا 

,

   
عدد التعليقات 1

1
الإدارة في ظلال السيرة محاربته حتى قبل أن يولد
كتب :Nagwa Afifi
بتاريخ: السبت 03 يناير 2015 الساعة 06:15 مساءً
الحمد لله على نعمة الإسلام. قال تعالى:\\\" إن الدين عند الله الإسلام، ومن يبتغ غير الإسلام دينا لن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين\\\". للأمة الإسلامية مكانتها ومنزلتها، فهى خير أمة أخرجت للناس.قال الله عز وجل:\\\"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله\\\".
أضف تعليق
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل حاصل جمع