حكمة اليوم

قرأنا لك

الخطوات الثمانية لتصميم برامج تدريبية فعالة - عبد الرحمن محمد المحمدي... المزيد

قائمة المراسلة
الاسم
البريد
الجوال

مشاهدة : 2339

الرسول وصناعة خير أمة واقع العالم قبل مولده (1)

   إعداد/ أ.د. محمد المحمدى الماضى

أستاذ إدارة الإستراتيجية بجامعة القاهرة

www.almohamady.com

 

لم يعرف التاريخ البشري قديمًا وحديثًا قائدًا في عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقول ذلك لمجرد كوني مسلمًا محبًا لرسوله ومؤمنًا به وعاشقًا له، لكن هذا هو قول كبار علماء التاريخ وعلماء دراسة الشخصيات القيادية المؤثرة فيه ،وكذلك علماء الإدارة والقيادة؛منهم على سبيل المثال: وليام هارت صاحب كتاب "العظماء مائة" أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك توماس كارالايل، وجورج برنارد شو وغيرهم من الفلاسفة والمؤرخين، لكن الشهادة الأكثر تأثيرًا هي تلك التي تأتي من أحد علماء القيادة والإدارة.

 

 

وحديثًا جدًا حيث فاز كتاب جون أدير عالم القيادة والتدريب الإداري البريطاني بجائزة أفضل مؤلف في القيادة من معهد الإدارة البريطاني عام 2011، وكان عنوان كتابه The Leadership of Muhammad""قيادة النبي محمد" وترجم للعربية بهذا العنوان في أبو ظبي 2012 ". هذا الكتاب يحتاج وحده لوقفة كاملة أو عدة وقفات، وإن كنت أشير فقط الآن إلي مقولة لهذا العالم حينما استضافته فضائية MBC حيث قال متعجبًا على حدوث ثورات الربيع العربي، وكيف تحدث مثل هذه الثورات أصلاً على مثل هولاء الحكام ، بينما لديهم قائدًا نموذجًا لو ساروا على منهجه ما كانت لهذه الثورات أصلاً أن تحدث.

على الرغم من كثرة ما ذكر، ومن ذكروا مآثر الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن ما كتب عنه بالنسبة لحقيقة ما يمثله لا يزال يعتبر نذرًا يسيرًا، وخاصة في جوانب وملامح شخصيته الإدارية والقيادية الفذة.

ولعلي في هذه المقالة أبدأ سلسلة بإذن الله أحاول فيها قدر استطاعتي أن أبرز، ولو بعضًا من هذه الملامح بأسلوب أكثر بساطة وحداثة، وفي نفس الوقت أكثر عمقًا خاصة باعتباري أحد المشتغلين والأكاديميين في علم الإدارة. 

لن أكون في هذه السلسلة أحد رواة السيرة، لكن ستكون نظرتي لها من واقع استخراج الدروس والعبر والمبادئ و النظريات الإدارية ما استطعت إلي ذلك سبيلاً دون تعسف أو تكلف، لعل القارئ سوف يجد أنه من السهل عليه أن يفهم كثيرًا من مجريات الأحداث حوله بل وربما يكون لديه قدرة حتى على توقعها والتنبؤ بها ،باعتبار أن ما يحدث للرسل والأنبياء وأتباعهم على مر التاريخ ليس إلا من قبيل السنن الثابتة كما نبأنا الله في أكثر من موضع في كتابه الكريم.  

ولعل لهذا بالضبط هو السبب في ضرورة أن نتدارس سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم خاصة، وسيرة الأنبياء عامة لتكون بالنسبة لنا أسوة ونبراسًا نهتدي به في حياتنا.

ولحكمة عليا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى فإن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم باعتباره خاتم الأنبياء  والمرسلين تعتبر مملوءة بكافة الدروس والعبر لمن بعده إلي أن تقوم الساعة ،خاصة وأن ما حققه من أعظم الإنجازات لم يكن بأسباب خارقة، إنما كان كله بأسباب بشرية عادية في ضوء ما هو متاح، ويجرى عليه كل ما يجرى على البشر من ضيق وسعة، ومن فقر وغنى، ومن هزيمة ونصر ومن استضعاف وقوة وهو صلى الله عليه وسلم يواجه كل ذلك بالأسباب المتاحة للبشر مع أعلى درجات التوكل على الله سبحانه وتعالى حتى كان يقول عنه أصحابه "كان يتوكل حتى نظن أنه لا يأخذ بالأسباب وكان يأخذ بالأسباب حتى نظن أنه لا يتوكل"، هذه هي المعادلة الصعبة للنجاح والتميز في الحياة في شتى جوانبها وشئونها.

بعد هذه المقدمة المركزة فإنني وبمناسبة مولده الشريف سوف أبدأ برصد لخريطة العالم قبيل مولده وكيف كانت بإيجاز، لعل ذلك يعطينا صورة واضحة للتحول الذي صنعه صلى الله عليه وسلم، فعظمة القادة تقاس بمقدار التحول الذي يحدثوه في أقوامهم.

وبنظرة سريعة نجد أن العالم قبل مولده كان ينقسم كمناطق نفوذ بين قوتين عظميين هما فارس والروم، وكان الشرق الأقصى يتكون من جزيئات يطلق عليها ممالك في السند، الهند، والصين وما حولها وكانت الدول العربية موزعة استعماريًا بين كلاً من فارس التي كانت تحتل شمال اليمن، والعراق والحيرة بينما الدولة البيزنطية كانت تسيطر على الشام وكل دول الشمال الإفريقي بما فيها مصر، المكان الوحيد الذي لم يكن مطمعًا لأي غزو كان شبة الجزيرة العربية باعتباره الأكثر فقرًا والأقل مواردًا والأشد حرارة.

كانت الحياة القبلية التي تعتمد على الكر والفر والغزو والسلب والنهب والسبى والعدوان هي الأصل السائد في شبه جزيرة العرب ، وكانت الحروب تشتعل بين هذه القبائل رغم قرابتها وتداخل نسبها وتستمر عشرات السنين لأتفه الأسباب، لعلنا نذكر هنا تلك الحرب التي استمرت بين عبس وذبيان سنوات عدة بسبب سباق بين فرس يدعى داحس وفرسة تدعى الغبراء ثم انقلب السباق إلي شجار ثم حرب، سميت تاريخيًا باسم حرب داحس والغبراء، (تمامًا كما حدث في مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر قبل الثورة، وكادت أن تقوم الحرب بينهما بعد أن تقطعت العلاقات وتبودلت الاتهامات والتهديدات على أعلى المستويات لولا لطف الله)، ثم كانت حرب الباسوس (اسم ناقة) بين بكر وتغلب لتستمر الحرب بينهما زهاء أربعون عامًا.

وقد وصل الوضع الأخلاقي والاجتماعي والانساني إلي أسفل سافلين.

فقد كانت المرأة مهانة لدرجة أنها كانت تمثل بالنسبة لمعظمهم عارًا يجب التخلص منه بمجرد مولدها فيئدونها حية ولم تتوقف تلك العادة البشعة إلا بعد تحريم القرآن لها، وإعادة الكرامة الإنسانية للمرأة بأسمي معانيها.

لم تكن الأحوال الحضارية والأخلاقية بأفضل حال في كافة دول العالم فقد كان الملخص العام لها أن القوي يأكل الضعيف، والبقاء ليس إلا لمن غلب حتى بالنسبة للدول التي كانت تعتبر حينئذ عظمى كفارس والروم.

لم تكن الحالة الدينية أحسن فالخريطة الدينية كانت تمثل خليطًا عجيبًا من وثنيات شتى أشهرها فارس وعبادتها للنار، وعبادة الأصنام في كل من الصين، الهند وجزيرة العرب. أما الديانات الكتابية وهي اليهودية والنصرانية فقد كان الزمن الذي طال عليهم قد أحدث تغيرات، وانحرافات وتحريفات حادت بهما إلي حد بعيد عن صفاء المنبع الذي خرجت منه.

لقد كانت الدنيا باختصار شديد تغط في جهل وجاهلية وظلام وظلم شديد من كل جوانبها، وكأن الأرض أصبحت تئن وتشكو إلي الله حاجتها إلي بصيص من نوره يملأها ويعيد لها وجهها الناصع كما خلقها أول مرة. 

حينئذ تواترت الرؤى والتنبؤات والحسابات أن مولد فجر جديد قد أوشك على البزوغ، وكان مكانه وزمانه وصفاته وكل علاماته معروفة خاصة لأهل الكتاب الذين قال عنهم القرآن ﴿ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون سورة الأنعام.

فماذا كان رد فعل تلك القوى الاستعمارية الكبرى تجاه اقتراب مولده صلى الله عليه وسلم ، وماذا قررت فعله من استراتيجيات تجاه هذا المولد؟

وهل اعتبرته فرصة سانحة لها تجدد بها نظمها وحياتها وتصحيح ما فسد منها أم اعتبرته تهديدًا وخطرًا مباشرًا يهدد مصالحها؟ وللحديث بقية  

 للحديث بقية

www.almohamady.com

\

   
عدد التعليقات 5

1
شكر تقدير
كتب :HAMMOUD IBRAHIM
بتاريخ: الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 الساعة 09:31 صباحاً
نشكر لك هذالمبادرة الكريمة وقد قرات المقال واسال الله التوفيق فى هذا التوجه وان شاء الله نرى من استاذنا الكريم الفاضل عمق مفاهيمه ودقيق ملاحظاته وبصيره عينه فى علم الادارة وتطبيقاته كنموذج على حياته صلى الله عليه وسلم لان المكتبة العربية عامة والاسلامية خاصة فى حاجة ماسة الى ذلك ولعله يكون مرشدا سههل الفهم والتلقى للتطبيق كجانب عملى مباشر سيدخل الى مركز العقل سريعا لانه من سيرته صلى الله عليه وسلم ويكون هذلك هاديا لكل القادة والحكام والمنظمات ليقتدوا اثره صلى الله عليه وسلم وجزاك الله خيرا عنا وعن كل مسلم وعربى وبل وانسان على ما تقدمه وتبذله من جهد مخلص لتبليغ العلم بمفاهيم الادارة الحديثة ممزوجا بديننا الحنيف ولك كل الخير والشكر والثواب والاجر وننتظر بفارغ لصبر المقالة القادمة ان شاء الله
2
شكر تقدير
كتب :HAMMOUD IBRAHIM
بتاريخ: الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 الساعة 09:31 صباحاً
نشكر لك هذالمبادرة الكريمة وقد قرات المقال واسال الله التوفيق فى هذا التوجه وان شاء الله نرى من استاذنا الكريم الفاضل عمق مفاهيمه ودقيق ملاحظاته وبصيره عينه فى علم الادارة وتطبيقاته كنموذج على حياته صلى الله عليه وسلم لان المكتبة العربية عامة والاسلامية خاصة فى حاجة ماسة الى ذلك ولعله يكون مرشدا سههل الفهم والتلقى للتطبيق كجانب عملى مباشر سيدخل الى مركز العقل سريعا لانه من سيرته صلى الله عليه وسلم ويكون هذلك هاديا لكل القادة والحكام والمنظمات ليقتدوا اثره صلى الله عليه وسلم وجزاك الله خيرا عنا وعن كل مسلم وعربى وبل وانسان على ما تقدمه وتبذله من جهد مخلص لتبليغ العلم بمفاهيم الادارة الحديثة ممزوجا بديننا الحنيف ولك كل الخير والشكر والثواب والاجر وننتظر بفارغ لصبر المقالة القادمة ان شاء الله
3
شكر تقدير
كتب :HAMMOUD IBRAHIM
بتاريخ: الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 الساعة 09:31 صباحاً
نشكر لك هذالمبادرة الكريمة وقد قرات المقال واسال الله التوفيق فى هذا التوجه وان شاء الله نرى من استاذنا الكريم الفاضل عمق مفاهيمه ودقيق ملاحظاته وبصيره عينه فى علم الادارة وتطبيقاته كنموذج على حياته صلى الله عليه وسلم لان المكتبة العربية عامة والاسلامية خاصة فى حاجة ماسة الى ذلك ولعله يكون مرشدا سههل الفهم والتلقى للتطبيق كجانب عملى مباشر سيدخل الى مركز العقل سريعا لانه من سيرته صلى الله عليه وسلم ويكون هذلك هاديا لكل القادة والحكام والمنظمات ليقتدوا اثره صلى الله عليه وسلم وجزاك الله خيرا عنا وعن كل مسلم وعربى وبل وانسان على ما تقدمه وتبذله من جهد مخلص لتبليغ العلم بمفاهيم الادارة الحديثة ممزوجا بديننا الحنيف ولك كل الخير والشكر والثواب والاجر وننتظر بفارغ لصبر المقالة القادمة ان شاء الله
4
شكر تقدير
كتب :HAMMOUD IBRAHIM
بتاريخ: الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 الساعة 09:31 صباحاً
نشكر لك هذالمبادرة الكريمة وقد قرات المقال واسال الله التوفيق فى هذا التوجه وان شاء الله نرى من استاذنا الكريم الفاضل عمق مفاهيمه ودقيق ملاحظاته وبصيره عينه فى علم الادارة وتطبيقاته كنموذج على حياته صلى الله عليه وسلم لان المكتبة العربية عامة والاسلامية خاصة فى حاجة ماسة الى ذلك ولعله يكون مرشدا سههل الفهم والتلقى للتطبيق كجانب عملى مباشر سيدخل الى مركز العقل سريعا لانه من سيرته صلى الله عليه وسلم ويكون هذلك هاديا لكل القادة والحكام والمنظمات ليقتدوا اثره صلى الله عليه وسلم وجزاك الله خيرا عنا وعن كل مسلم وعربى وبل وانسان على ما تقدمه وتبذله من جهد مخلص لتبليغ العلم بمفاهيم الادارة الحديثة ممزوجا بديننا الحنيف ولك كل الخير والشكر والثواب والاجر وننتظر بفارغ لصبر المقالة القادمة ان شاء الله
5
لغة العصر مع التقريب
كتب :مجدي سالم
بتاريخ: الاثنين 29 ديسمبر 2014 الساعة 10:34 مساءً
استاذي الفاضل بعد التحية ربما يقرا تلك المقالات بعض من العوام و من هنا قد يتبادر الي ذهنه من هي بلاد السند و بيزنطه فيا حبذا لو استخدمتم لغة العصر فاضفتم الي التسمية القديمة التسمية الآن لتقترب الصورة و تعم الفائدة و صدق القائل كم ترك السابق للاحق و كم ترك المتقدم للمتاخر نفع الله بعلمك و اتم عليكم هذا العمل و جعله في ميزان حسناتك
أضف تعليق
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل حاصل جمع